اللوحة للفنان أحمد خضر
“أنا قارئة بطيئة، بطيئة بشكل مزعج.”
ابتدأت ستيفاني موراي مقالتها عن تجربتها في القراءة بهذه الجملة ثم أكملت..
وفقا لاختبار سرعة القراءة الذي أجريته، فإنه يمكنني قراءة نحو ٢٩٤ كلمة في الدقيقة وهي قريبة من متوسط القراءة البالغ ٣٠٠ كلمة في الدقيقة، لكن هذا التقدير ينخفض بشكل واضح عندما أستغرق في فهم واستيعاب قطعة من ٣٠٠ كلمة. وينعكس ذلك بشكل سيء على المدة التي أستغرقها في قراءة كتاب كامل.
على سبيل المثال.. قرأت مؤخرا كتاب الآمال العظيمة، وهو كتاب من ٥٤٤ صفحة، ووفقا للتقدير أعلاه، كان يجب أن أكون قادرة على إنهاء ٥٥ صفحة في ساعة واحدة، والكتاب كاملا في أقل من عشر ساعات. في الواقع غالبا ما أنهي من ٢٠ إلى ٢٥ صفحة في ساعة من القراءة دون انقطاع، بمعنى آخر.. قراءة ١٣٣ كلمة في الدقيقة، وهي أقل بكثير من المتوسط.
بعد تجربتي هذه، أظن أن هناك العديد من الأشخاص مثلي – الأشخاص الذين يتشتت انتباههم بسهولة، أو يهتمون بتفاصيل صغيرة غير ضرورية، أو ببساطة ينظرون إلى الكتاب الجيد على أنه نزهة ممتعة أكثر من كونه انطلاقاً لسباق المئة متر.
من الصعب مواكبة محترفي القراءة في عالم الأدب، ولكن كونك قارئًا بطيئًا تحمل الكثير من التحديات الفريدة، فإنه يتطلب منك لقراءة كتاب عام مزيدًا من الوقت والجهد والانضباط أكثر من القارئ العادي. أضف إلى ذلك أنك معرض للإحباط أكثر أثناء قراءته.
بحكم تخصصي ودراستي في اللغة الإنجليزية، فقد حاولت يائسة مواكبة قراءة المناهج الدراسية، شعرت حينها أنني أسير في سباق ماراثون مع الجميع. لقد استنزفتني هذه المنافسة وجعلتني أشعر بالغباء، ولم تترك لي سوى القليل من الطاقة أو الرغبة في القراءة من أجل المتعة فقط. حتى بعد تخرجي، كنت أقرأ بشكل متقطع، وأشق طريقي ببطء من خلال خمسة أو ستة كتب في السنة.
اليوم، بعد ست سنوات من تخرجي من الجامعة، أقرأ كل يوم تقريبا، وأنهي ما بين عشرين إلى ثلاثين كتابا في السنة. وهذا باتباع بعض النصائح، بما فيها) إبقاء الكتاب قريبًا مني في كل الأوقات، وقراءة كتب متعددة في الوقت نفسه.. وما إلى ذلك).
ولكن إذا كنت تتطلع لتصبح قارئا متمكنًا فأنصحك بالتالي:
- لا تحاول القراءة بشكل أسرع
في السنة الأولى التي ألزمت نفسي فيها بقراءة المزيد من الكتب في وقت أقل، اكتشفت أني ارتكبت خطأً فادحًا، فكرت أنه إذا كان بإمكاني القراءة بشكل أسرع فسأكون أسرع تحفيزًا واستفادة. طبقت ذلك بطريقة غير مثالية، أقرأ على عجل، وانتقل بسرعة من جملة إلى أخرى. فكانت النتيجة عكس ماكنت أريد.أصبحت نفسي أقل حماسا للقراءة لقلة استمتاعي بها.أصبح الأمر مرهقا وشبيها بالأعمال الروتينية، بدلًا من الإثراء والاسترخاء. وحرمت نفسي من التوقف عند فقرات كانت مثيرة للاهتمام بشكل خاص، أو إعادة قراءة بعض المقاطع التي لم أفهمها تمامًا. كنت أنهي الكتاب في وقت قصير ولا أتذكر منه إلا القليل بعد ذلك.
- عوضًا عن ذلك.. اقرأ أكثر بشكل دائم
أبلغتني صديقتي المقربة ذات مرة أنها لا تقرأ يوميًا ولا حتى أسبوعيا بانتظام، ولكنها تمكنت من إنهاء خمسة وعشرين أو ثلاثين كتابا في السنة عن طريق القراءة بنهم لثلاث أو أربع كتب في أسبوع واحد عندما يسمح جدولها بذلك.
- تجنب الأهداف المبنية على النتائج
من الشائع في المقالات التي تحت عنوان”كيف تزيد قراءاتك ” يكون اقتراح تحديد هدف يومي للقراءة: عشرين صفحة أو ثلاثين دقيقة.
لكن بالنسبة للقراء البطيئين، يمكن أن يؤدي هذا النوع من الأهداف إلى نتائج عكسية. عندما تستغرق قراءة عشرين صفحة ساعة واحدة، فإن محاولة القيام بذلك كل يوم يكون مربكًا وغير مستدام.
ربما تكون الأهداف المستندة إلى الوقت أفضل، ولكن حتى تلك يمكن أن تصبح عقبات أمام تنمية وتطوير قراءتك إذا كانت بطيئة وشاقة.
لقد ارتكبت هذه الأخطاء عدة مرات من قبل. ولم أتمكن في كثير من الأحيان من الوصول إلى هدفي، لأغادر إلى فراشي نهاية اليوم مرهقة ومحبطة، حينها، كنت سأتخلى عن القراءة تماما.”إلى أين سأتجه؟” أعتقد،”أنني لن أحقق هدفي”.
ألن تكون القراءة لبضع دقائق أفضل من عدم القراءة على الإطلاق؟
كما قلت سابقا. بالنسبة للقارئ البطيء فإن الإصرار على القراءة هو المفتاح، وفي تجربتي، فإن المفتاح هو القدرة المستمرة على فتح كتاب. يمكن أن يؤدي التركيز على النتائج الكبيرة إلى جعل انتقاء الكتاب أمرًا مخيفا للغاية. مما ينتج عنه الإقلال من احتمالية قراءتك. وعلى النقيض من ذلك، فإن تجاهل الأهداف أو إبقاء سقفها منخفضًا جدًا يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط.
اجعل القراءة هي ما تختتم به يومك مهما كان طويلًا، والتزم بقراءة صفحة واحدة أو عشر أو عشرين صفحة، أو دقيقة أو ساعة..
صفحة أو دقيقه – ولا بأس بذلك. لأنك ستعتاد على ذلك مثل مشاهدة فلم أو حتى فتح ثلاجة. وستقرأ دائما أكثر مما تفعل الآن..
- كن انتقائيًا
لطالما كنت أحسد الأشخاص الذين لا يضطرون إلى التفكير كثيرًا فيما يقرؤون، لأنه حتى لو تبين لهم أن الكتاب الذي اختاروه سيئ للغاية، فإنهم لم يخسروا سوى بضع ساعات فقط أثناء قراءته. لسوء الحظ، أقرأ ببطء أكثر إذا طبقت القراءة لكتب عشوائية. إن التفكير في الكتب التي سأقرؤها تساعدني في التحفيز على تعزيز التقاط وقراءة كتاب كل يوم. هذا يعني أنني لا أقرأ الإصدارات الجديدة كثيرا. إذا كان الكتاب حديث الإصدار فعادةً ما أنتظر عدة مراجعات حتى أتمكن من تحديد ما إذا كان الأمر يستحق الانتقاء أم لا. أيضا قرأت الكثير من الكتب الكلاسيكية – الكتب التي صمدت أمام اختبار الزمن- لأن قراءة أفضلها أمر مهم بالنسبة لي.
ومع ذلك فإن كونك انتقائيا في قراءاتك لا يعني بالضرورة قراءة الأفضل.. هناك أسباب وجيهة لقراءة الكتب السيئة.
الهدف من القراءة المدروسة هو تحديد اختياراتك والتي ربما من المحتمل أن تنال اعجابك بعد ذلك. سواء التقطته لأنك تظن أنك ستستمتع به، أو أنه يغطي موضوعًا يثير اهتمامك، أو أنه مثير للجدل وتريد تكوين رأي حوله، فإن سبب اختيارك للكتاب ليس هو المهم، المهم أن يكون لديك دافع وسبب في الواقع للقراءة.
- توقف عن مقارنة نفسك بديدان الكتب الآخرين
أشارك ضمن دائرة أدبية جميلة، يشاركني فيها العديد من أصدقائي اللذين هم على شاكلتي، في تحدي سنوي للقراءة على goodreads ( حيث نحدد هدفا لعدد الكتب التي نرغب في قراءتها ذلك العام ونتابع تقدمنا).
كل عام، أجد نفسي أضحك على تفاوت هدفي وأهداف القراء الآخرين، البعض يصور لخمسين أو حتى لمائة كتاب في السنة! ربما الطريقة الوحيدة التي يمكنني فيها قراءة خمسين كتابا في السنة هي إذا كنت في سجن او إذا انقطعت بي السبل في جزيرة نائية خالية سوى من نظارتي وجهاز القراءة Kindle، وحتى ذلك الحين فإن قبولي بأهدافي الحالية أمر مهم، لأن الشعور بالخجل من أن أهدافي أقل بكثير من الآخرين سيجعل من الصعب على تحقيقها.
الحقيقة هي أنني يجب أن أكون فخورة جدا بالعشرين كتابا أو نحوها التي أقرأها كل عام. إنها أكثر بكثير مما كنت أقرأه سابقًا. وبالتأكيد أفضل بكثير من لا شيء.
…
…